الثلاثاء، 3 مارس 2015

الإنسان وتطور المجتمعات


الإنسان وتطور المجتمعات from الدكتور محمد مدحت مصطفى
يأتي تميز الإنسان عن الكائنات الأخرى على محورين: يتمثل الأول في أن الوعي الإنساني يتخطى بكثير الحاجات الغريزية، بالإضافة إلى قدرته على نقل وتركيم الخبرات من جيل الآباء إلى جيل الأبناء ثم إلى الأحفاد في عملية تصاعدية مكنته من بناء حضارة متطورة عبر التاريخ، وهو ما لم تنجح فيه باقي الكائنات.


أما المحور الثاني فيتمثل في كون الجماعة الإنسانية جماعة اجتماعية، ولا تأتى (الاجتماعية) هنا من خلال العيش في جماعة حيث تعيش باقي الكائنات في جماعات أيضاً، كما لا تأتى من العمل المنظم لأفراد الجماعة فهناك العديد من جماعات الكائنات التي يمارس أفرادها قدراً عالياً من التنظيم عند تلبية الحاجات الغريزية ولعل جماعات النمل وجماعات النحل أبرز مثال على ذلك. إنما تأتى (الاجتماعية) من خلال تنظيم العلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان أثناء عملية الإنتاج، تلك العملية الواعية التي تقع خارج نطاق الفعل الغريزي والتي تشكل في نفس الوقت أساس العملية الاقتصادية كلها. فوعى الإنسان بحاجاته الغريزية وغير الغريزية بالإضافة إلى قدرته المتفردة على نقل وتركيم الخبرات هي التي مكنته من تطوير إبداعاته في مختلف المجالات، ومكنته أيضاً من تطوير علاقاته بأقرانه الآخرين ليتبلور ذلك في التطور الدائم والمتصاعد للمجتمع الإنساني.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق