كانت إسرائيل تقوم بعمليات ردا على عمليات العبور
المُستمرة للقناة من قبل وحداتنا الخاصة، أما البحر الأحمر فعلى طول امتداده لم
تكن الحماية ووحدات الإنذار كافية لحمايته لذلك كانت تختاره إسرائيل مسرحا لمثل
هذه العمليات. وهذا ما دفع قيادة القوات المُسلحة إلى إعلان منطقة البحر الأحمر
منطقة عسكرية واحدة تتبعها قوات من الجيش والطيران والبحرية وعُين الفريق سعد
الدين الشاذلي كأول قائد لمنطقة البحر الأحمر العسكرية حتى يُمكن التصدى لهذه
العمليات بكفاءة أعلى.
- أتذكر موقف للفريق أول محمد فوزي وزير الحربية
ومؤسس جيش أكتوبر العظيم أثناء إحدى مناورات الخريف الكبرى وهي مناورات كانت تقوم
بها قواتنا المسلحة وتشارك فيها جميع أفرع الجيش من قوات بحرية وجوية وبرية وكنا
قد أتممنا تحميل قوات الإبرار ومدرعاتها البرمائية، وننتظر أوامر الإبحار وكان ذلك
في حضور وزير الحربية الذي انتزع الميكروفون ليأمر أحد قباطنة سفن الإبرار بمغادرة
السفينة وذكر رقمها وتحويل نفسه إلى مكتب القائد العام وتعيين قبطان آخر بديل
وتدهش عندما تعرف السبب وهو أن القبطان لم يكن يرتدى خوذته الحربية هكذا كانت
الشدة والقسوة أثناء عملية إعادة البناء.
- أتذكر زميلي المرحوم نبيل عسر في مركز الإعداد
الذي كان يقول لنا أن رئيس الأركان عبد المنعم رياض خاله، وكنا طبعا نسخر من كلامه
على اعتبار أنه غير صحيح حتى كان يوم استشهاد البطل عبد المنعم رياض حيث حضرت
الشرطة العسكرية لاصطحاب الجندي نبيل عسر لحضور جنازة خاله- لم يكن هناك أي
استثناءات حتى ابن اخت رئيس أركان حرب القوات المسلحة يتم تجنيده كجندي مؤهلات
عليا. كل هذا يجب ان نعرفه حتى يعرف شبابنا كيف تم الإعداد ليوم العبور العظيم.
- حكاية أخرى أشار على بعض الأصدقاء كتابتها رغم
بساطتها لأنها توضح نوعية قيادات حرب الاستنزاف وإعادة بناء قواتنا المسلحة من
ناحية الاهتمام بأدق التفاصيل. بعد قرار تشكيل منطقة البحر الأحمر العسكرية وتولي
الفريق سعد الدين الشاذلي قيادتها كنت أستعد لنزول أجازتي الميدانية (عشرة أيام كل
أربعون يوماً) وفي اليوم المحدد أشيع أيضا أن قائد المنطقة نازل أجازة ميدانية،
أخذت الأوتوبيس من سفاجا وحيث كان الطريق الساحلي للبحر الأحمر مفتوح في ذلك اليوم
وبعد أن وصلنا الغردقة تم التفتيش المعتاد للسيارة وانطلقنا بعد ذلك ليستوقفنا أول
كمين للشرطة العسكرية وأخذت في تفتيش السيارة وطلبت من جميع العسكريين النزول وكان
عددنا كبير ثم تم الفصل بين الجنود والضباط الذين كانوا يرتدون الملابس المدنية ثم
تم احتجاز نحو خمسة ضباط وسمح للباقين وجميع الجنود باستكمال الرحلة. الموضوع أن
الفريق الشاذلي كان بنفسه موجود في الكمين واستقبل بنفسه الضباط المزوغين من
وحداتهم وعينك ما تشوف إلا النور على إللي عمله قبل إحالتهم للنيابة العسكرية
وطبعا الموضوع أصبح حكاية على كل لسان في المنطقة ولم يجرؤ مخلوق على تكرار
المحاولة. هل ممكن تيجي على بال حد إنه ممكن يحصل حاجة كده!
-
ذكريات عن عملية رمانة وبالوظة عندما كنت أقوم بواجب الحراسة على سفينتي وصلتني
رسالة في الصباح تأمرني بإطلاق صافرات السفينة في ساعة محددة لاستقبال مدمرتين
قامتا عند الفجر بمهاجمة موقعي رمانة وبالوظة شمال شرق بور فؤاد دمعت عيناى بفرح
حقيقي، وفي الساعة المحددة انطلقت جميع صافرات القطع الحربية في الميناء ثم انضمت
إليها القطع التجارية وكان الجميع يحضن بعضهم البعض وأصبح الميناء كمسرح فرح كبير
تصدح فيه الصافرات كالزغاريد كم كنت أتمنى أن يتم تصوير تلك اللحظات حيث أخذت
المدمرتان تتهاديان بعبور البوغاز دخولا للميناء. لكم أن تتخيلوا المنظر حيث
صافرات السفن هي أقوى الصافرات في العالم لأنها تعمل بضغط الهواء. حقا إنها أيام
مجيدة لا تُنسى.
- من المؤلم أن اتذكر أيضا واقعة مؤسفة رواها لي
صديقي ضابط الاحتياط نبيل نيقولا جبران إبن الأستاذ نيقولا جبران مدرس أول اللغة
العربية في كلية سان مارك بالإسكندرية وكان من سلاح المهندسين الذي شارك وحدة خاصة
أثناء أحداث الثغرة لتدمير قاعدة صواريخ دفاع جوي بالقرب من السويس قبل استيلاء
القوات الإسرائيلية عليها، ونجحت العملية وعادوا بصعوبة بالغة وتم إبلاغه بتكريم
السادات له في يوم تكريم الأبطال في مجلس الشعب، وكنت معه عند المكوجي ليجهز
البدلة العسكرية التي سيحضر بها التكريم، وقبل الموعد بيومين يتم إبلاغه بأن
الاختيار كان خطأ وحضر بدلا منه قائد الوحدة الذي لم يشارك أصلا في العملية، صديقي
العزيز هذا هاجر إلى أستراليا بعد ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق